منبر حر لكل اليمنيين

تخادم حوثي إخواني يفضي لمقتل موظف أممي في تعز

9

من حين لآخر تتصدر مدينة تعز أبشع الجرائم التي تُرتكب في وضح النهار وتستهدف قيادات أمنية وعسكرية، وتُصر على أن لا يبقى شيئاً للحلول السياسية ومراجعة الذات الإنسانية، وتجنيب المدينة مزيداً من التعقيدات والخلافات ومنح الفرص للبحث عن سُبل الحياة تحفظ للمواطن حقوقه وأمنه واستقراره

ففي العام ٢٠١٨م استهدفت الجماعات المتطرفة في مدينة تعز موظف الصليب الأحمر الدولي “حنا لحود” في منطقة “الضباب” وذهب دمه دون عقاب، فيما قاتلوه عادوا إلى معسكراتهم يتبادلون أطراف الجريمة ومارسوا حياتهم اليومية وكأن لم يحدث شيء، هذا التسيب والانفلات الأمني جعل من تعز مرتعاً لمسلسلات القتل والاغتيالات ووفر للقتلة والمجرمين بيئة خصبة لممارسة جرائمهم بكل حرية في وضح النهار وأمام الأشهاد

إن جريمة اغتيال رئيس برنامج الغذاء العالمي “مؤيد حميدي” في التربة يوم أمس الجمعة ليست جريمة عادية أو حدث يتناقله الإعلام ووكالات الأنباء إن هذه الجريمة تُهمد لمخطط قادم تقوده جماعة الإخوان ويستهدف كل تعز، خاصة وأن هذه الجريمة أتت في ظل انشغال المسؤولين بملف تعز لتحريك ورقة رفع الحصار عن تعز المفروض من قبل ميليشيا الحوثي، وكأنهم بجريمتهم هذه يقولون للعالم الإرهاب ليس بالحصار المفروض على تعز وإنما بمن هو داخل الحصار، ويظهر بأن الجريمة الإرهابية هذه شرعنة حصار ميليشيا الحوثي وأدانت تعز وصورتها في أبشع ما يكون

لقد فشل الحوثي على مدى ثمان سنوات من إقناع العالم بأن تعز مدينة الإرهاب والتطرف وجماعات التكفير، كان في كل مره يُقدم تعز في أورقة الأمم المتحدة ومباحثات السلام وغيرها من المباحثات على أن تعز مدينة أشبه بمدن عصابات المافيا والإرهاب والقتلة، وبأن تعز عبارة عن سوق لبيع الدماء ورقاب الناس، فأتت جريمة اغتيال ” مؤيد حميدي” لتُصادق على كذب الحوثي وتُبرر حصاره المفروض على ملايين المواطنين

إن نظرية المؤامرة وفقاً للعالم السياسي ” مايكل باركون” تتجسد في ثلاثة مبادئ وهي: أن لا شيء يحدث بالمصادفة، ولا شيء يكون كما يبدو عليه، وكل شيء مرتبط ببعضه، ومن هنا فإن جريمة اغتيال موظف أُممي في تعز يكاد يبلغ الشك حد اليقين بأن من يقف خلف هذه الجريمة جماعة الإخوان وبأن معطيات الجريمة وأسبابها وأهدافها تظهر مدى التخادم الكبير الحاصل بين الجماعتين ” الحوثي- والإصلاح” اللذان يبذلون جهوداً كبيرة لجعل مدينة تعز لا تخرج عن سيطرتهما، ويبقى حالها بين قاتل يحاصرها من أطرافها وجلاد بداخلها يُمعن في إذلالها وامتهان كرامة أهلها وناسها

ومع كل جريمة تُرتكب في مدينة تعز يبدأ الحديث عن الفوضى بداخل المدينة، باعتقادي أن الانفلات الأمني بشكل عام مفهوم واسع ويشمل جملة من المفاهيم والتي ترتبط بمجملها بموضوع القيم التي يقود انهيارها أو على الأقل تراجعها إلى الشعور بعدم الأمن والاستقرار، وهو ما يدفع ويشجع عصابات الإجرام والقتلة والإرهابيين على ارتكاب مثل هذه الجرائم التي أضافت لتعز معاناة لا حصر لها، وبدون ضبط الأمن وملاحقة ومحاسبة القتلة والمجرمين، سنبقى ندور في نفس الحلقة المفرغة، ويبحث كل منا عن حلول لا ترقى إلى الجوهر والمضمون، وإنما تبقى في إطار الشكل والقشور، ولا تلبث أن تؤدي إلى أزمات أُخرى تُضاف إلى الوضع المتأزم من أساسه.

تعليقات