يا قلب لا تحزن..! مناسبات بلاد “دوت كوم”
الأغراب وليس الأعراب هم الذين قالوا لنا بلغة العلم وأرقامه بأن حركة القمر في مداره حول الأرض هي المحدِّد لبدايات ونهايات الأشهر الهجرية وفقًا للثوابت الفلكية.
هم أيضًا مَن قالوا لنا بأن حركة الأرض في مدارها حول الشمس هي التي تحدد بدايات ونهايات الأشهر الميلادية.
* ما فرض المعلومة السابقة هو حلول عام هجري جديد فرَض هو الآخر سؤال لماذا نفرغ كل هذا العدد من الأعياد الدينية والوطنية، والأيام العربية والعالمية من أهدافها، وما الحكمة والدروس المستفادة من كل عيد وكل ذكرى..؟
* لعل بعضكم سأل مثل هذا السؤال في مناسبة أو أُخرى..
ومع ذلك بقِيَت الأسئلة وإجاباتها عالقة في سماء اللا مبالاة، ولغو القول القامع “أبوه الفضول..” احتفِل مع الناس، فنحن في بلد تَحوَّل موقعه الجغرافي المهم إلى مجرد أرض تحاصرها مياه بحرين من الغرب والجنوب، وصحراء قاسية الموقف الأخلاقي والإنساني من الشمال، وما من استفادة من بحر، ولا وجود لِنهر.
وأكثر ما هو واضح وفاضح هو تواطؤ ساسة اليمن مع أعداء أرادوا تحويل اليمن إلى ملعب قابل للتقسيم “على ما يشتهي الوزان”، وباتفاق غير مكتوب.
* وأما بعد دعاء اللهم اجعل عامنا الهجري الجديد عامًا {فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون}، لا غنى عن ترشيد الأدعية القدرية التي لا يصاحبها التأمل في قوله تعالى: “وقل اعملوا ….”.
وهنا لا غنى عن الإجابة عن استفهاميات كيف ننام، مواطنين وحكومات، على جثة قول حكيم شعبي يماني: “ما رِزق يأتي لجالس”، وأخطر ما في الحال أن الجالسين على أنفاس الأمل المحبوس هم كل مَن يحكمون، ويتسلطون على رقاب العباد، ولا يصنعون شيئًا للحاضر ولا للمستقبل، ومن يقول غير ذلك ليسعفنا ببارقة من أمل غير كذاب..!
* وأما كيف الحال، وما هو الحل لتجاوز الأسوأ من المآل، فتعالوا يا شعب الـ30 مليون نسمة، ويا حكامهم المتنازعين شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا، إلى فضاء التأمل بعقول مفتوحة على أوكسجين مجاني وشمس ليست سوى نقطة من هبات ونعم الله.
اليمن الكبير يدعونا لأنْ نحبه بلغة الفعل والمعاني، وليس بتضخم أرشيف الأغاني.
* إن أبسط علامة على جديتنا في تسجيل احتفال حقيقي بالعام الهجري الجديد هو تسجيل انطلاقة مختلفة وغير روتينية بائسة نتمثل فيها سيرة الرسول وأخلاقه ورأفته بأصحابه في سياق كونه رحمة للعالمين.
* وفي تفاصيل هجرة رسولنا الأعظم ما يدعونا لعدم تعقيد الحياة، وعدم محاربة مظاهر السعادة البريئة، فهل لكل من يستهويه تسويد وتعقيد حياة الناس أن يستوعبوا دلالة أن أنصار رسولنا الكريم استقبلوه برائعة أنشودة ودفوف “طَلَع البدر علينا من ثنيّات الوداع.. وجب الشكر علينا ما دعا لله داع.. أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع.. جئت شرفت المدينة مرحبًا يا خير داع”.
* هذا هو حالنا مع مناسبة واحدة، فماذا عن مناسبات وأعياد كثيرة نحتفل بها دونما وعي بأن رأس السنة الميلادية يدعونا لأنْ نجيب عن سؤال لماذا تقدموا ونحن نتراجع، ولماذا نقتل بعضنا ونتقرب إلى الله بتجويع عباده وتجفيف أرزاقهم والتضييق عليهم بمثابرة النحل وعزائم النمل دونما خوف من الله ولا حياء من خلقه..؟
* عيدا الفطر والأضحى، ومِن قبلهما شهر رمضان المبارك، جميعها مناسبات إمَّا لترويض النفوس الأمارة بالسوء على المكاره، أو اقتسام الفرحة بحيث تصل بهجة العيدين إلى فقراءٍ قَرَن الله الصلوات بمراعاتهم وإكرامهم بدون منٍّ أو أذى، وبدون إهدار كرامة أو إزهاق أرواح على نحو حادثة الزحام إياه.
* ولا بأس هنا من المرور على عيد عمال بلا عمل ولا مرتبات، وتردٍّ مخيف في الخدمات، وعيد شجرة نسمح بقطعها بغباء دونما ضرورة، فضلاً عن مناسبات عالمية لا نهتم بجمال دلالاتها، فتمر من أمامنا مرور الفقراء على أبواب اللئام.
* وأما لو تأملنا في تعاطينا كأفراد مع المناسبات، فسنجد أنفسنا أمام كارثة عدم الإحساس بأهمية الزمن، وتحوّلنا إلى مجرد تروس ومسامير عمياء صماء في ماكينات العبث المؤسسي.
والويل لأمة تتسابق فيها الحكومات والكيانات الرسمية والأهلية على من يكون الأسرع في تكريس قيم الجهل والتخلف، والعبث بأرزاق الناس وطموحاتهم، وأحلامهم.
* كل عام ومناسبة دينية ووطنية وعالمية وأنتم بخير..
صحيفة اليمني الأمريكي