نص الإحاطة كاملا للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس يوم أمس في مجلس الأمن
قدم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرغ يوم أمس الإثنين إحاطته عن الوضع والأحداث الجارية في اليمن وسبل السلام ونتائج المفاوضات والاتفاقيات والهدن الجديدة في جلسة لمجلس الأمن الدولي وكان نصر الاحاطة كالتالي:-
مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن
إحاطة المبعوث الخاص هانس غروندبرغ أمام مجلس الأمن
شكراً جزيلاً لكِ، وأشكرك لإتاحة هذه الفرصة لتقديم إحاطة للمجلس حول آخر المستجدات في اليمن وحول جهودي في الوساطة للتوصل إلى اتفاق بشأن الطريق قدمًا بين حكومة اليمن وأنصار الله.
على الرغم من انتهاء الهدنة، لا يزال اليمن وشعبه يستفيدون من أطول فترة هدوء نسبي منذ بداية النزاع.
وفقًا لآخر تقرير للأمم المتحدة حول الأطفال والنزاع المسلح، أسهمت الهدنة في خفض الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال من قتل وتشويه وتجنيد في التشكيلات المسلحة بنسبة 40%. ومع أهمية هذا الإنجاز، مازال هناك حاجة لإحراز المزيد من التقدم. في الأسبوع الماضي، أدى هجوم بقذائف الهاون إلى إصابة خمسة أطفال في مديرية حيس جنوب الحديدة. أضم صوتي إلى صوت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) بإدانة هذه الواقعة، وأدعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي ومنع الانتهاكات ضد الأطفال ووضع حد لها.
مازالت هناك فوائد أخرى مستمرة حتى يومنا هذا. فالرحلات الجوية التجارية بين صنعاء وعمَّان ما زالت مستمرة. كما رحبت هذا الشهر بأول رحلات طيران تجارية بين صنعاء والمملكة العربية السعودية منذ سبع سنوات لنقل الحجاج اليمنيين. ومازال الوقود مستمرًا في التدفق بثبات عبر موانئ الحديدة.
والأهم من ذلك هو أنَّ فترة الهدوء النسبي فتحت المجال أمام نقاشات جادة مع الفاعلين اليمنيين حول طريق التقدم نحو إنهاء النزاع. المناقشات جارية، ولكن -إذا أردنا إنهاء الحرب بشكل مستدام- يتعين أن تصل تلك المحادثات إلى انفراجة حقيقية. وأنا ممتن للفاعلين الإقليميين، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمَان على ما تبذلاه من جهود مستمرة في سبيل دعم هذه المناقشات.
وشهدنا أيضًا مشاركة الأطراف بصورة بنّاءة في تدابير أخرى لبناء الثقة. إذ جمع مكتبي مؤخرًا الأطراف في عمَّان لمناقشة إطلاق سراح مزيد من المحتجزين بناءً على نجاح عملية إطلاق سراح المحتجزين واسعة النطاق في آذار/مارس الماضي بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأنا ممتن للحكومة الأردنية لاستضافة هذه الاجتماعات وغيرها في عمَّان ولدعمها المستمر لعمل مكتبي.
على مدار ما يزيد على السنة، شهدنا بعض الخطوات المهمة والإيجابية التي خفَّضت العنف وساعدت في تحسين حياة اليمنين.
ومع ذلك، سيدتي الرئيسة، لايزال الوضع على الأرض هشًا ويمثل تحديًا.
فعلى الصعيد العسكري، وعلى الرغم من الانخفاض الملموس في القتال منذ بداية الهدنة، إلا أن الجبهات لم تصمت بعد. فقد وقعت اشتباكات مسلحة في الضالع وتعز والحديدة ومأرب وشبوة. كما يساورني القلق إزاء التقارير التي تفيد بوجود تحركات للقوات بما فيها تحركات بالقرب من مأرب إضافة إلى استعراض عسكري في إب مؤخرًا. تؤدي شرارات العنف المستمرة هذه بالإضافة إلى التهديدات العلنية بالعودة إلى القتال واسع النطاق إلى زيادة المخاوف والتوترات. أدعو الأطراف إلى وقف الأعمال العسكرية والخطابات الاستفزازية التي تنذر بمزيد من التصعيد.
علاوة على ذلك، سيدتي الرئيسة، تواصل الأطراف خوض معركة على جبهة أخرى، ألا وهي الاقتصاد. فقد أصبح الصراع للسيطرة على الموانئ المدرّة للإيرادات والطرق التجارية والقطاع المصرفي والعملة والثروات الطبيعية جزءً لا يتجزأ من النزاع السياسي والعسكري. وانخفضت قيمة الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي في عدن بأكثر من 25 في المائة خلال الـ 12 شهرًا الماضية. وكما هو الحال دائمًا، فالمواطن اليمني هو من يدفع الثمن الأكبر للانقسامات الاقتصادية والتدهور في البلاد.
ما زالت حرية الحركة تمثل تحديًا كبيرًا، فإغلاق الطرق نتيجة النزاع يجبر آلاف اليمنيين في كل يوم على اتخاذ طرق غير آمنة، كما يرفع أيضًا من تكلفة نقل السلع بنسبة تفوق المائة بالمائة. وكذلك تزيد الألغام والذخائر غير المتفجرة وظروف الطقس المتطرفة المرتبطة بالتغير المناخي من أثر قيود حرية الحركة على المدنيين. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الجهود الإيجابية الأخيرة، فإن هناك حاجة ملحة إلى توسيع نطاق الرحلات الجوية المتاحة من وإلى مطار صنعاء.
بالنسبة للنساء والفتيات، أصبحت القيود المفروضة على حرية التنقل أكثر وضوحًا خلال النزاع. ففي العام الماضي توسع اشتراط سفر النساء والفتيات بصحبة مرافق من أقاربهن الرجال، خاصة في مناطق سيطرة أنصار الله. كما تفرض الجماعات المسلحة هذا الشرط أيضًا عند نقاط التفتيش في أجزاء مختلفة من البلاد في الكثير من الأحيان. وتحد هذه القيود من حرية النساء في تلبية احتياجاتهن الأساسية، ومن الانخراط في الفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية والمشاركة في جهود صنع السلام.
سيدتي الرئيسة، الوضع لا يَحْتَمِل أن نسعى إلى سلام موسمي. يتعين على الأطراف اتخاذ المزيد من الخطوات الجريئة نحو سلام مستدام وعادل. وهذا يعني التوصل إلى نهاية للنزاع تَعِد بحكم وطني ومحلي خاضع للمساءلة، وبالعدالة الاقتصادية والبيئية، وضمانات الحق في مواطنة متساوية لجميع اليمنيين، بغض النظر عن النوع الإجتماعي أو المعتقد أو الخلفية أو العرق.
وحتى إن كان الطريق نحو هذا المستقبل محفوفًا بالتحديات، إلا أنه مسار ذو إضاءة جيدة. وتوجد ثلاثة عناصر رئيسية هنا.
أولاً، على الأطراف أن تتوقف فورًا عن الاستفزازات العسكرية وأن تتفق على وقف شامل ومستدام لإطلاق النَّار على صعيد البلاد والاستعداد له. أجرى مكتبي مؤخرًا مناقشات بنّاءة مع مندوبي حكومة اليمن في لجنة التنسيق العسكرية بشأن حماية المدنيين، بما في ذلك أمن المرأة، والتخطيط لتنفيذ وقف لإطلاق النار. جاء ذلك عقب اجتماع عقد مسبقًا في مايو/أيار مع قيادة القوات المشتركة حول الاستعدادات الفنية لوقف إطلاق النار.
ثانيًا، يتعين على الأطراف خفض التصعيد الاقتصادي فورًا، ومعالجة الأولويات الاقتصادية ذات المديين القريب والبعيد، وضمان انتظام دفع رواتب القطاع العام على مستوى البلاد، والرجوع عن السياسات الاقتصادية العدائية التي من شأنها أن تعمِّق الانقسام وتزيد من تشظِّي البلاد، وتعزيز الروابط الاقتصادية وغيرها من الصلات بين اليمنيين في مختلف مناطق البلاد بما يشمل فتح الطرق والبناء على الجهود السابقة للتوسع في إتاحة الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء بما في ذلك الرحلات الداخلية. يتواصل مكتبي باستمرار مع الفاعلين السياسيين اليمنيين وأصحاب الأعمال والمجتمع المدني وغيرهم لبحث حلول مستدامة.
ثالثًا، على الأطراف إحراز تقدم بشأن الاتفاق على مسار واضح لاستئناف العملية السياسية بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة. يجب أن تبدأ هذه العملية بشكل عاجل من أجل تعزيز المكاسب التي تحققت منذ الهدنة ومنع حدوث المزيد من التشظي.
لإيجاد حلول مستدامة للتحديات قصيرة المدى، يحتاج اليمنيون إلى معالجة القضايا الأعم نطاقًا والتي تمثل قضايا أساسية في قلب النزاع. ومثال ذلك ما نراه اليوم من ارتباط النقاشات الدائرة حول دفع الرواتب مع قضايا إدارة الإيرادات ومسائل بعيدة المدى المتعلقة بشكل الدولة.
اليمنيون هم وحدهم القادرون على مناقشة مثل هذه الأسئلة المهمة والأساسية المتعلقة بالسيادة والحكم الوطني والمحلي وإدارة الإيرادات والترتيبات الأمنية. وسيقود اليمنيون ويملكون العملية التي تضطلع فيها الأمم المتحدة بدور الوساطة، كما ستعكس تلك العملية وتتضمن أولويات تمثل تعددية اليمنيين بما يشمل النساء والرجال من جميع محافظات اليمن.
أود أن أشير هنا، سيدتي الرئيسة، إلى أن اليمنيين لديهم قدرات غنية للبناء عليها في أيّ مفاوضات سياسية. فهناك تاريخ غني من الحوار والابتكار والتسوية في اليمن، بما في ذلك على المستوى الوطني. وعلى المستوى المحلي، يثبت اليمنيون كل يوم تضامنهم وقدرتهم على حل المشاكل. إنهم يفتحون الطرق ويطلقون سراح المحتجزين ويتفاوضون على تسهيل القدرة على الوصول في خضم عوائق لا يستهان بها أمام الحركة. في بعض المحافظات، عززت السلطات المحلية تقديم الخدمات على الرغم من تحديات النزاع. وفي محافظات أخرى، تدخلت الجهات الفاعلة في القطاع الخاص لتقديم خدمات اجتماعية مهمة مثل الصحة والتعليم. نحن بحاجة إلى البناء على هذه الجهود لدعم الحوكمة وبناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع.
سيدتي الرئيسة، إن كل عضو من أعضاء هذا المجلس يملك تأثيرًا ، وأطلب إليكم استخدام هذا التأثير لتشجيع الأطراف على وقف الإجراءات التصعيدية والعمل على المسار الذي حددته هنا اليوم.
شكرًا جزيلاً.