منبر حر لكل اليمنيين

الإصلاح وفاقد الشيء.. المسألة ليست رفع صورة

23

الاحتقان الشديد الذي تعج به شوارع مدينة تعز وأزقتها وبيوتها منذ سنوات، هو حشد لصورة قاتمة رسمتها القوى السياسية المدججة بالسلاح والايديولوجيا، والتبعية التي لا تكاد تنزاح عن كاهل اليمني عموما والتعزي الإصلاحي خصوصا إلى وتعود مجددًا، فهي تجري مجرى الدم بحكم التراكمات التي صاحبت مراحل مكثفة من التعبئة والحضور الديني، المغلف تارة بالتطرف وتارة أخرى بالتسيس الناعم والحريات والعدالة والشعارات الفنكوشية.

حتى لا ندخل في تفاصيل كثيرة لقراءة ما حدث بالأمس والمدخلات التي لا تحصى، يجب أن نعي أن رفع صورة طارق أو ترديد اسمه ليست المشكلة، الأمر أعقد بكثير من اختزال هذا الأمر في مجموعة شباب حتى تكون ردة الفعل اطلاق وابل من الرصاص بكثافة وبشكل عشوائي، وفي لحظة رجولة وبطولة زائفة أو في غير مكانها.

منذ متى كان جنود الأمن بهذه الهمجية حتى في ذروة الصراع أثناء احداث الربيع العربي حصلت حوادث متقطعة وهي ذروة الصراع باستثناء بعض حالات العنف التي كانت لها حسابات مختلفة، إذا حادثة ميدان الشهداء انعكاس لسوء في التصرف والقرارات التي تعكس الصورة التي عليها مدينة بحجم تعز لا أكثر.

لا يمكن لصورة أن تكون مدخل لهذا العنف المفرط، ثمة نوازع داخلية ورغبات مكبوتة يتم ترجمتها بهذه الشاكل سواء لدى الذين رفعوا الصورة أو الذي قابلوها بالرصاص الحي بدون خجل أو حياء أو احترام للمناسبة والعيد والضيوف.

صورة أخرى تتجلى لدى الطرف الممسك بزمام الأمور في تعز وهو حزب الاصلاح بتفرعاته المتعددة التي تتصل بكيبل واحد ربما، لكن التوجيهات تفرض على الموجودين هناك أن ينفذوا أي شيء نظرا لأن المسؤولية المنفلتة تفرقت بين رجالات كثيرة، وما مقتل العميد عدنان الحمادي ببعيد ولا غيرها من المآسي التي لا تنتهي.

الأمن بالأمس الذي أطلق الرصاص بتلك الطريقة الفجة لم يستطع تأمين شارع واحد في تعز حتى نقول أنه يكيل بمكيال واحد، قُتلت قيادات عسكرية وأمنية ورجال أعمال ومواطنين كبار وصغار ونساء أحيانا أمام الجميع، ونهبت منازل وبيوت ونهبت الملايين من محلات صرافة ولا تزال حتى اللحظة في خبر كان وفرضت اتاوات بالملايين على الباعة والتجار والموردين وأصحاب الشاحنات وووووو فأين الأمن الذي ننشده.

في تعز يلتقي التطرف الديني بالإسلام السياسي بالمناطقية والعنصرية والموروث الرجعي مع الحسابات المرتبطة بالممول ليشكلا هذه الصورة الفولاذية التي ظهرت بالأمس، وهو أمر معيب، ما تصنعه المليشيا في صنعاء وعدن والمنفلتين يتم صناعته بتفنن في تعز وهذا من الطبيعي أن يولد انفجار، فغياب الخدمات والأمن وغيره من الأساسيات، يتم التعبير عن بطريقة مختلفة.

كان يمكن للقائمين على مدينة تعز أن يحلوا مشكلة الطربال الفاصل وأن يحلوا مشكلة المفصعين والمسلحين والمتنفذين وغيرهم من الذين قتلوا خلال السنوات الماضية العشرات، ثم يعبروا عن رفضهم لطارق أو لغيره ولصورته، وايضا كان بإمكانهم اتخاذ اجراءات مختلفة بدلا من اطلاق الرصاص وكأنهم في معركة مصيرية وليس في قلب ميدان الشهداء المكتظ بالنساء والأطفال والشيخ والشباب في مناسبة عيدية وفنية لا تستحق كل هذا النزق السياسي.

ما حدث بالأمس جريمة وتصرف غير مسؤول لا يمكن معه الاتيان بالمبررات وكان على الأمن المسلح بالبنادق ألا يرعب الناس ويرهبهم وأن يتم اتخاذ الاجراءات في اطار ومسار مختلف، ثم أن العميد طارق أصبح ضمن المجلس الرئاسي وسبق له أن زار تعز وحدد المعركة القادمة ونبه إلى أن هناك خيارات كثيرة في استعادة البلد ويجب فتح صفحة جديدة.

إن تحميل الذين رفعوا الصورة مسؤولية ما حدث هو خطاب قائمة على التعصب لا أكثر المسألة ليست في الثأر لمن يقتلهم الحوثي وانما محاولة لفرض صورة نمطية يجب أن تسود داخل هذه المدينة من قبل انصاف الثور والعسكريين والأمنيين وليسوا كلهم.

وأخيرا يجب على حزب الإصلاح أن يعيد الحسابات، فمن غير الممكن أن تحدث مشاكل في تعز أو في مأرب بالطريقة التي يختارها الفكر السياسي وليس التوجه العام في لملمة الصفوف، أيضا من غير الممكن احداث فوارق ومشاكل بين الطلاب المبتعثين في الخارج، الهند، ماليزيا، تركيا، المغرب، وبعدها أوساط الجالية في هولندا، وأوروبا عموما وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن لهذه العقلية أن تزحف في اتجاه مغاير في ظل مرحلة شائكة، وأن تحط الرحال في مناطق دافئة على الأقل الخروج برؤية جديدة وتوحيد الصف من أجل مواجهة المشروع الكهنوتي واستعادة البلاد التي تضيع كل يوم.

تعليقات