تسابيح
لِجُمعَةِ مُعطٍ، أَوْ لِسَبتٍ وَشُحَّتِهْ
أَرَى فِي مَدَايَ السَّبحَ، يُلقِي بِسُبحَتِهْ
دَعُوهَا، فَلِي مِنهَا تَسَابِيحُ عَارِفٍ
وَأَورَادُهُ الحُسنَى، وَأَسرَارُ بُحَّتِهْ
دَعُوهَا فَلَي فِي كُلِّ حِينٍ كَرَامَةٌ
وَقُولُوا: لَقَدْ عَادَ المُعَنَّى لِشَطحَتِهْ
بِسَبتٍ كَظِيمٍ، أَوْ بِأَنفَاسِ جُمعَةٍ
أَعِيدُوا لِهَذَا الجَمرِ تَارِيخَ لَفحَتِهْ
سَأَبتَاعُ لِلنِّسيَانِ ذِكرَى جَحِيمِهِ
وَأَشرِي مِنَ الرُّوحِيِّ، مِيلادَ دَوحَتِهْ
فَأَسأَلُكُمْ بِالنُّورِ، لا تَخدِشُوا دَمًا
يُضِيءُ، وَتَختَانُوا قَنَادِيلَ لَوحَتِهْ
وَلا تَقطَعُوا عَنِّي مَسَارًا أَخُوضُهُ
وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عِطرِيَّةً، ذَاتُ نَفحَتِهْ
مِنَ الوَعدِ أَنْ أَعدُوْ إِلَى رَأْسِ عَائِدٍ
مَدَائِحَ مَنْ تَمضِي فَرَاشَاتُ مِدحَتِهْ
صَبِيحَةَ مِشوَارِي، إِذَا اسوَدَّ وَجهُهَا
فَلا تَسأَلُوا عَنْ صَوتِ قَلبِي وَفَرحَتِهْ
أَنَا وَاثِقٌ مِنْ حَجمِ حُزنِي وَغُربَتِي
وَمِنْ فُسحَةِ الصَّبرِ المُجَازَى بِفُسحَتِهْ
لِهَذَا أُرَبِّيْ الوَقتَ فِي عَينِ حِكمَةٍ
لِيُدرِكَ أَنِّي حَارِسٌ أَمرَ لَمحَتِهْ
لِيُدرِكَ أَنِّي شَاهِدٌ مَا تَقُولُهُ
عَنَاوِينُهُ الأَدهَى، وَأَبعَادُ صَفحَتِهْ
لِهَذَا أُرَبِّيْ الوَقتَ مِن أَجلِ أَهلِهِ
عَلَى جِدِّهِ؛ كَيْ لا يُغَالِي بِمُزحَتِهْ
وَأَفرُكُ أُذنَيْ العِيدِ؛ كَيْ لا يُعِيدهَا
وَآخُذُهَ فِي كُلِّ عَامٍ بِلِحيَتِهْ
وَلَكِنَّهُ يَبدُو غَبِيًّا وَسَاذِجًا
يَعُودُ وَلا يهدِي لَنَا غَيرَ كُحَّتِهْ
يَعُودُ مَرِيضًا، عَارِيًا مِنْ سَلامَةٍ
مَتَىْ سَوفَ يَأتِينَا بِكَامِلِ صِحَّتِهْ!!
.
.
مَا لِيْ وَمَا لِلحُدُودِ
وَلاحتِشَادِ الجُنُودِ
وَلاشتِعَالِ المَنَايَا
وَلانطِفَاءِ الوُعُودِ
وَلاختِنَاقِ الرَّوَابِيْ
وَلانهِيَارِ السُّدُودِ
وَلاتِّكَالِ الأَمَانِيْ
عَلَى العَدُوِّ اللَّدُودِ
مَا لِيْ وَمَا لِلضَّحَايَا
مَا لِيْ وَمَا لِلصُّمُودِ
مَا لِيْ وَلِلدِّينِ.. يَشكُوْ
مِنْ سُنَّةٍ أَوْ زيُودِ
يَهُمُّنِيْ كَيفَ حَالِيْ
فِيْ لَيلِ هَذَا الوُجُودِ
عِيدٌ.. وَأَفرَاحُ قَلبِيْ
بَعِيدَةٌ كَالشُّرُودِ
عِيدٌ قَدِيمٌ.. فَمَا مِنْ
مَلابِسٍ أَوْ نُقُودِ
أَيَّامُنَا بَالِيَاتٌ
كَأَنَّهَا مِنْ ثَمُودِ
يَا حَارِسَ الوَقتِ فِينَا
هَذَا جُمُودُ الجُمُودِ
عِيدٌ سَعِيدٌ، وَلَكِنْ
أَتَى بِغَيرِ السُّعُودِ
عِيدٌ، وَمَا مِنْ سَعِيدٍ
إِلاَّ (سَعِيدُ اليَهُودِيْ)
.
.
امتَلأت رُوحي بالشعائرِ في زمنِ الشعارات، ونَحلَ جسدُ الحياةِ المسكونة بي، وضاق الفراغُ الهائلُ بأنفاسي في هذا الظلامِ البشريِّ؛ حتى انفَصَلَتِ الأنا عن ماهيتها وانفَرَطَت سُبحةُ المُعادلةِ الكونيَّةِ في المُطلق الحُرِّ، فلا انتَصَرتُ على الوقت ولا انتصر الوقتُ عليَّ، ولا استَرَحتُ من العناء ولا استراح العناءُ من تناهيديَك التي تُشبِهُ فُقَاعاتِ الكوابيسِ الغارقةِ بهذا الواقعِ المُستنقع..
هات مِسبحتي وسُجَّادتي -يا صغيري- واترُكني في محرابي؛ حتى أستعيد ما فقدتُ من النور والسكينة والقُرب؛ فإنَّ صراعات العيش سَلَبَتنِيَ الكثيرَ من الأنوار والطمأنينة والثقة، وجَرَّدَتنِي من دفءِ اليقينِ الذي احتميتُ به من عواصف القلق وحرائق الخوف وفوضى المعارك المُزمنة.. هات مِسبحتي وسُجَّادتي، واترُكني وشأني، فَلِي عملٌ على الغيبِ والخُلود، بعيدًا عن التفاصيل الحياتية، ومَلَلِ البحثِ عن لقُمة العيشِ، ومهانة النفس وانكساراتها وإحباطاتها ومتاهاتها المُتمَرِّدة..
لا رغبةَ لي في مُواصلةِ الرَّكضِ في المسارات الزائلة، ولا رغبةَ لي في الدفاع عن السراب والفناء، فها قد آن لي أن أتخلَّص من مخاوفي وذُعري وحُزنيَ المُتراكم والمُترامي في أعماقي ومن حولي وفي الطرقات التي مشيت فيها والأماكنِ التي عرفتُها وأقمتُ فيها وهجرتُها، وفي بقاع الأرض كُلِّها، بلا استثناء.