منبر حر لكل اليمنيين

بين حقبتين هادَوية وعَلِيمية.. هل يفرط رشاد بما حافظ عليه صالح وتحفظ عنه هادي

22

ما جرى خلال الثمان السنوات الماضية حتى اللحظة يثير الريبة، بين حقبتين، تعد من أسوأ الحقب في نظر الذين يجيدون وبشجاعة قراءة المعطى على المنظور القريب والبعيد، مع مراعاة الظروف التي خُلقت، والمتغيرات التي جاءت نتيجة للعبث والارتجال الغير محسوب، من قبل أطراف عديدة لا تزال حتى اللحظة تعتقد أنها بريئة من كل هذا السقوط.

على مستوى الوطن وفي ظل حقبتين، يمكن أن نسميها مجازً “هادَوية – عَلِيميَة”، نستطيع الجزم أننا نعيش دولة فاشلة لا يمكن بأي حال تقييمها بمصطلح غير الفشل، على اعتبار أن ما جرى في حقبة هادي سمسرة في الوظيف العامة وتقليد المناصب. بالإضافة إلى الحصول على أموال خاصة وبناء شركات وعقارات، وهو أقصى طموح الفاسدين، وأكبر منجز لكل من يركب موجة السياسة وهو غير قادر على تحمل المسؤولية.

في هذا المضمار من الحقبة الأولى، ظل الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح الشماعة الأبرز لكل هذا الفشل والسقوط، حيث شكل لوبي قديم جديد منظومة متكاملة من الأدوات من أجل تسويق بعض المصطلحات والعبارات، وأسباب سقوط الدولة والكيفية التي دخل بها الحوثيين إلى البلد واجتياح العاصمة صنعاء وصولا إلى العاصمة المؤقتة عدن، فقط من أجل فض الشراكة مع الفشل الذي ظل بمثابة الراعي الرسمي لكل مسرحية هزلية كانوا يعدون لها.

وحتى لا نغرق في تفاصيل المدخلات، يمكن الحديث بقليل من الشفافية عن المالات التي جاءت نتيجة لكل ذلك العبث، الذي غُلِّف بكثير من الشعارات الوطنية الكاذبة والوعود، من أجل منح الحقبة أكبر قدر من الاستمرارية ونمو المصالح الخاصة، بعيدًا عن أوجاع المواطن ومتطلباته الضرورية، حيث عجز النظام بكل وزرائه الذين تعاقبوا على إيجاد كهرباء للعاصمة المفترضة عدن، وهو واحد من الأدلة الدامغة التي تصيب الإنسان الطبيعي بالاستغراب وهو يسأل نفسه.. كيف مرت كل هذه السنوات دون أن يستطيع النظام تحقيق واحدة من أهم المقومات لأي حياة طبيعة ونحن في مطلع الألفية؟ وكيف يمكن للناس أن تعيش بصورة طبيعية وتُسِّير أعمالها من مصانع وغيره وهم بدون كهرباء؟ ناهيك عن الحر الشديد الذي يصاحب موسم الصيف.

بالعودة إلى المشهد السياسي الذي يتداخل بشكل مخيف مع المشهد الإنساني والثقافي والاجتماعي، والعبث الذي تقوم به مليشيا الحوثي بشكل يومي وسط صمت كل الأطراف المعنية بالشأن اليمني في الداخل والخارج، أو هكذا يصور لنا أنها معنية، وهي نفس الأطراف التي دمرت ونفذت بسرعة الريح ادراج اليمن تحت البند السابع وفرضت عقوبات ظالمة، يمكن أن نتساءل عن الكيفية التي سيدير بها الرئيس العليمي البلد وماذا سيكون الفارق بينه وبين الحقبة الهادوية؟ وهل يمكن للعليمي أن يفرط أو بالأصح يبيع ما حافظ عليه صالح، وتحفظ عنه هادي؟

أسئلة مشروعة في ظل حقبة ثالثة أيضا وهي الحقبة “المعينية”، نسبة إلى رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك الشاهد الذي ما شافش حاجة غير قنوات الفساد التي يتحرك من خلالها، ولعل المضحك أن هؤلاء إلى جانب الفساد المستشري، يستلمون رواتب وسط صرخات مرتفعة من المواطن في تعز وعدن وحضرموت والضالع ومأرب، شمالا وجنوبا، وأنا من وجهة نظري أنه حتى الرواتب التي تصل جيبوهم وحساباتهم نهاية كل شهر تدخل بطونهم حرام.

إذا نحن في مرحلة الحقب الثلاث هادوية عليمية معينية، والسؤال هنا مالذي يجري في عموم الوطن؟ وفي الجنوب وفي حضرموت بالتحديد؟ لماذا لم تفصح النخبة الحاكمة عن المخرجات لكل هذا الصراع؟ ومتى سيتم العمل من فوق الطاولة من أجل استعادة بلد يذهب باتجاه التشويه والأسلمة السياسية العقائدية الشيعية المخيفة؟

ولأن الأفق مسدود كنتاج لما تقدمه النخبة من حلول فإن من الطبيعي أن يتشاءم المراقبين والمواطن من المستقبل، على الأقل ما لم يحل خلال حقبة هادي لم نرى له طرف خلال فترتي العليمي والصبري معين، وهو أمر محزن في حقيقة الأمر أن يكون كل هؤلاء الذين يعملون في اطار حكومة ونظام واحد غير قادرين على تبشير المواطن ولو بجزء من الحل، واقامة منطقة خضراء تمثل وجه وصورة من صور الدولة التي تم تدميرها بحجة أنها كانت قائمة على الفساد.

هذه الأدوات التي تعمل اليوم هي من تيارين، جزء منها محسوب على النظام السابق وربما أسواهم مع بعض الاستثناءات، والجزء الآخر هم الذين حملوا مشاعل ثورة مارس المسمى ب”الربيع العربي” وجميعهم أثبتوا فشلهم أمام أبسط الاختبارات التحريرية حيث أنهم فرطوا ببعض المحرر ولم يستطيعوا تحرير ليس بقع جغرافية وإنما تحرير مذكرة واضحة لكل الأطراف التي تتجاذب الملف اليمني بأننا واقعون في مشكلة وأن حلها ليس بهذه الصورة التي تتم في اللحظة الراهنة.

والله المستعان…!

 

 

تعليقات