منبر حر لكل اليمنيين

تـتصارع بداخل الإنسان في هذا الوجود فكرتان

26

تـتصارع بداخل الإنسان في هذا الوجود فكرتان تشكلان خلاصة رحلته في الدنيا:
الأولى، تقوده إلى تبرير سعيه في التنقيب عن الحكمة وتقصيها والعمل بها وتشربها. والثانية، تنظر إلى الحياة وإلى قواعد الحكمة فيها بوصفها قيود وأوهام ورؤى بشرية تحتمل الخضوع للنسبية، وأن جوهر الحياة يكمن في اقتطاف المباهج والتمتع بالملذات التي توفرها، والبحث عن الحلول التي تثري الحواس وتشبع الرغبات، وتجعل من عمر الإنسان القصير مبررا للسير في طريق اللذة والسعادة.

أدركت الفلسفات والأديان هذه الثنائية المركزية واشتغلت على تشريـح الصراع بين ما أسمتهما بالخير، والشر، فيما حافظ الإنسان على هذا الصراع الأزلي بداخله، ولم تفلح الفلسفات والأديان جميعها في وقف تلك الحرب الصغيرة التي تندلع بداخله كل يوم، وتجعله في اختبار واختيار بين أن يتشبث بالحكمة والتهذيب ويسلك طريقاً يرتقي بنفسه ويسمو بها، وبين أن يحرر ذاته من كل القيود ويمتع نفسه بكل ما تتيحه الحياة.

أخذ البحث عن التوازن والتوفيق بين الأمرين مساحة هائلة من تفكير وإبداع البشر وتأملاتهم، بل يمكننا القول إن اشتغال الفنون والآداب والفلسفات والأديان كلها يدور حول هذه الإشكالية، وبالرغم من ميراث البشرية الهائل في هذا الجانب، لا يزال على كل إنسان إدارة هذا الصراع بداخله، وان يعبر ساحة هذه الحرب الأبدية كل يوم، ليتعلم بنفسه من الحياة والتجارب والخبرات الذاتية التي يعايشها، ويظل يحفز نفسه على أن يبقى منتمياً لها ولتطورها كما تـنطبع في وعيه، ليضع رهانه وأمله على المنظومة الروحية أو الحكمة التي يتبناها ويحتمي بها من الفراغ والعدم والعبث واللا جدوى، ولكل إنسان طريقته وأسلوبه في النجاة!

تعليقات