منبر حر لكل اليمنيين

العرب بين مآلات الربيع وتحديات الحداثة والتغيير

25

كان مضمون خطاب العقلانيين العرب أن التغيير لا يمكن اختصاره في البعد الاقتصادي (التنمية) أو البعد السياسي (تغيير الحاكم) وأن هناك أبعادا أعمق للتغيير تبدأ من تغيير المجتمع والثقافة.

وكان هذا الخطاب نتيجة لفشل نموذج التنمية الاقتصادية الذي ركز على تحديث البنى التحتية وبنى المستشفيات والمدارس والجامعات وأسس الأحزاب والجمعيات، لكنها ظلت جميعا تدار بعقلية القبيلة والطائفة والعشيرة.

كان أبرز ممثلي خطاب العقل وتغيير الإنسان والثقافة هم فؤاد زكريا، ومحمد عابد الجابري، ونصر أبو زيد ومحمد أركون.

ومن مصادفات الأقدار أنهم رحلوا جميعا قبل شهور من الربيع العربي!

رحل فؤاد زكريا في مارس 2010، ومحمد عابد الجابري في مايو 2010، ونصر أبو زيد في يوليو 2010، ومحمد أركون سبتمبر 2010.

وكأن رحيلهم كان صورة رمزية لمغادرة المنطقة لمربع العقل الوليد إلى مربع اللاعقل واللاسياسة والعاطفة والطائفية والحماس الثوري المنفلت الذي قد تحمله قوى أكثر رجعية من الحاكم!

كان الجابري قد تحدث عن “اللاشعور السياسي” الذي يقبع تحت القشرة الشكلية الخفيفة لأفكار الديمقراطية والحرية والتعدد.

وقال: إن اللاشعور السياسي العربي لا يزال مأسورا لنموذج القبيلة والعقيدة والغنيمة وما نتج عنها من أنظمة الولاية والخلافة والسلطنة والحكم بالحق الإلهي والغلبة.

وعلى ما يبدو كانت ساحات الربيع العربي تظهر “الشعور السياسي” للحرية والديمقراطية والمدنية وتبطن “اللاشعور السياسي” للقبيلة والطائفة والعشيرة والإقصاء والقوة.

ربما جاءت أحداث الربيع لتؤكد صحة كثير من أطروحات العقلانيين العرب.

لكننا للأسف حرمنا من مساهات هؤلاء العمالقة في نقد أحلام ومآلات وأساطير الربيع.

* * *

* نحن نخاف الحداثة بسبب تحدياتها وعيوبها، لكننا نتقبل التخلف بكل عيوبه وكوارثه.

وعندما نُخيَّر بين عيوب التخلف وعيوب الحداثة نختار العيوب التي ألفناها وطال تعايشنا معها.

* نحن نخاف الحرية بسبب تحدياتها والتزاماتها، لكننا لا نخاف من الاستبداد رغم تبعاته الكارثية.

وعندما نُخير بين عيوب الاستبداد وعيوب الحرية نختار طمأنينة الاستبداد الذي نشأنا معه وعشنا تحت ظلامه.

* نحن نخاف من القيم التي جلبها لنا العصر الحديث بسبب بعض سلبياتها وتحدياتها.

لكننا لا نخاف من سلبيات التخلف مع أن نتائجها وكوارثها أخطر.

* ليس لدينا أي خطاب نقدي ضد التخلف.. أغلب خطابنا النقدي ضد الحداثة والتغيير.

*منقول عن “نيوزيمن” من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك.

تعليقات