منبر حر لكل اليمنيين

“علي صبرة” و” علي الآنسي” وتجديد أغنية صنعاء

25

العلاقة الفنية التي ربطت الشاعر علي بن علي صبرة بالفنان على الآنسى اثمرت الكثير من الأغاني التي صارت عنوانا بارزا لتجدد اللون الغنائي الجديد في صنعاء وانتعاشه خلال فترة السبعينيات كاملة.. فالشاعر صاحب الخبرة الكبيرة والآتي من بيئة متنوعة ( مواليد ماوية وعاش طويلاً في تعز قبل انتقاله إلى صنعاء) استطاع توظيف الكثير من الملحونات الشعبية في نصوص غنائية استوعبها لحنا ً وصوتاً الفنان الآنسي الذي تشابه مع الشاعر في تنوعه البيئي ( مواليد صنعاء وعاش طويلا في تعز)
يرد في كتاب الفنان والباحث الموسيقي جابر علي أحمد ( تيارات تجديد الغناء في اليمن)

” بسبب حبه العميق لفن الموسيقى الذي وصل به حداً لا يمكن الفكاك منه، وهكذا وجد نفسه متوجهاً إلى مدينة تعز وفيها بدأت تتبلور شخصيته ن من خرل المجلس الذي كان يرتاده أخوه أحمد ، ففي هذا المجلس تعرف على كثير من هواة فن الموسيقي الذين كانوا يرددون الموشحات اليمنية التي تناقلوها عن السلف، وتمكن من حفظ الكثير من تلك الموشحات. وبدافع حبه لفن الموسيقى تزايدت رغبته لتعلم عزف آلة العود اليمني القديم (القنبوس) ، وعندما وجد نفسه في وضع مناسب للإعلان عن نفسه فنياً لم يتردد في تقديم وصلة غنائية في ذات المجلس .

علاقته بالآلات الموسيقية لم تنحصر قي القنبوس فحسب بل عزف على آلة المزمار وآلة الصحن( الايقاع النحاسي) وآلة العود الشرقي ، ويقال أيضاً بأنه حاول العزف على الآت أخرى كالقانون والكمان وبعض الآت النفخ”
من أغاني التعاون المبكر بين الاثنين ( أهلاً بمن داس العذول واقبل)التي من فرط جمالها تلقفها فنانون أخرون وكبار أمثال المرشدي وأيوب طارش وأحمد السنيدار وفؤاد الكبسي وغيرهم.

أهلا بمن داس العذول واقبل
وطلعته مثل الهلال واجمل
ومن تعدَّاه في الطريق يُقتل
بلحظه القتال شَلّه الله
أهلا بمن في مشيته ترتّاح
كم في طريقه داس نفوس وارواح
وفي يمينه للقلوب مفتاح
دولة على اهل الحب أدامها الله
أهلا بأحبابي وبيت ناسي
حيا على عيني وفوق رأسي
أهلا بكم يا نشوتي وكاسي.

أغنية ( أهلاَ وسهلاَ روح داخل الروح) بلحنها العذب وبصوت الفنان الأخاذ علامة من علامات التجديد في تجربة الفنان، الذي استطاع التماهي مع كلمات الاغنية التي طوع فيها الشاعر الكلمات الشعبية لإنتاج صور جمالية بخصوصية واضحة
أهلاً وسهلاً روح داخل الــروح
وافــا صبوح على غرام مصبوح
شـا سير أنا في عشقتك وشا اروح
واصبــح قتيلك في الغرام ظلمـا
أهـلا بـذا الدعكـه والاريحيـّه
والخصر ذي ماهـو مـع بنيـَّه
مـا تعـرف الكبـره والعنجهيـه…
أفـدي الـذي سمـا ومن تسمـا
وصـل إليـا مـقتطب ومحفـوش
كالطير حين يشرب وجل ومربوش
كفـه بحبـات القلـوب منقـوش
والعنـق حيـن يشرب تشاهـد الما

كمية الصور البديعة في قصيدة ( قد علموه) تشير بوضوح إلى خبرة الشاعر في تطويع اللغة الملحونة لإنتاج نصاً نابضاً، تماهى مع لحن وصوت لا يسقط بسهولة من الاستماع الأول له:

قد علموه وأنا بحبه أعمى
وهو لقلبي مثل حوتي الما
وهو لجسمي كا لحياة واسمى
واجفانه الوسنى عُشِّي وظلي
روحان في جسمي جسمان في روح
أين شايجي مني وأين شاروح
يا مشقري قلبي بالحب بيفوح
يا فاتني يا مالكي بكلي
يا عاذلي والعذل ما عيفعل
والحب في قلبي كالنار تشعل
لو كنت قد جربت يا مدلل
عذرتني تركتني وفعلي
قالوا عداله واين جت العداله
خلّي هجرني ما احداً سطاله
من يسمع الشكوى أنا فدا له
من منصفي من جور ظلم خلي.

أغنية (قمري صنعاء جنني) بلحنها العذب ايقاعها الراقص الذي استطاع تذويب الكلمات العامية شديدة المحلية في جسم الأغنية
قمري صنعاء جنني
خلاني بعده بعده
والوهدارة وهدرني
يشكي والطالع عنده
هيا يانيني ياعيني
نسمر قال ماودّه

في أغنية “يالله رضاك” سنجد الصورة الباذخة السلسة النابتة من نص شعبي وظف فيه الشاعر كل امكانياته لتوليدها، بدء من الاستفتاحات الشعبية بالدعاء
يا لله رضاك والطل في وروده
مثل الحبيب نائم على عقوده
يالله رضاك والليل في جعوده
والصبح قد ضوى على خدوده

“آنست يا حالي” عنوان بارز آخر للتعاون بينهما ويحفر بذات البنية اللهجوية لأهل صنعاء
آنست يا حالي
يا روحي الغالي
يا كل آمالي
يا قرة الأعيان
صوتك يُسليني
شاغمض عليك عيني
يا احنج من النيني
واطويك بالاجفان
قوّى وحيا بك
حتى الذي جابك
وأهلك وأصحابك
وجملة الجيران

لم يقف التعاون بين الاثنين غلى تلحين وأداء النصوص الشعبية بل تجاوزها إلى النصوص الفصيحة مثل نص (يامن بأول كاس)، والذي تلقفه بعده فنانون معرفون مثل أيوب طارش
يامن بأول كاس في ثناياكم سكرت للحظة الأولى للقياكم
والله ما غاب عن فكري تخيلكم ولا لهجت بشيء غير ذكراكم
لا حبست دموعي عنكم أبدا ولا استراح فؤاد عاش يهواكم
ولا تظنوا بأن النوم يغلبني والله ما نام جفن بات يرعاكم.
(**)

عديد فنانون لحنوا وغنوا للشاعر علي بن علي صبرة بلهجة أهل صنعاء ومنهم أحمد السنيدار في ( يا ريح .. يا ريح):
يا ريح يا ريح ياللي تدخلي للبيوت قولي لمحبوب قلبي صاحبه بايموت
لا يشرب الماء ولا ياكل من الزاد قوت ما ياكل إلا زبيبه تعتقه لا يموت

واغنية ( حبيبي ظلمني عسى الله يجيبه)، وأغنية ( ألوه.. ألوه من الذي تكلم خلى فؤادي بالسعير يضرم)، وغنى له علي أحمد الخضر ( يامن بحبه قد بلاني وحل في وسط الفؤاد)
أما ايوب طارش فقد لحن وغنى رائعته الوطنية ( عودة السندباد):
انثري الضوء حولنا يا سماء
واسكبي الضوء والندة ياذكاء
عاد ايلول كالصباح جديدا
سُحقت في طريقه الظلماء

وبالمقابل لحن وغنى الآنسي العديد من قصائد مطهر الارياني مثل(خطر غصن القناة) و (الحب والبن) و ( وقف وودع)، وغنى لعباس المطاع الأغنية العيدية الشهيرة ” آنستنا يا عيد” وأنشودة ” وطني يا منتهى الآمال” و ” نحن الشباب” وأغنية ” لا تعذبني بأشواقي إليك” وانتج شخصياً كشاعر العديد من النصوص الغنائية التي قام بتلحينها وغنائها مثل: “ياعيباه” ، و”ليلك الليل ياليل” ، و “قلتوا عتنسوني”

(المهرية نت)

تعليقات