لو لم ينعم الله على قيادات الشرعية بالغباء لماتوا قهرا مما قاله الفيشي
صحيح أن يوسف الفيشي لم يفش سرا ولم يأت بجديد، لكن الجديد هذه المرة أن شركاء الحوثي لم تتمعر وجوههم، وقيادات الشرعية لم تغضب لهذا الاستخفاف المهين الذي يطلب منهم أن يسلموا أمرهم لجرذ يتمرغ بمخلفاته في جحره الذي يختفي فيه، واللوم لا يقع على الفيشي ولا على جرذه الذي يطلب منهم أن يكونوا عبيدا له، فليس غريبا أن فرعون ادعى الألوهية، بل وجه الغرابة في قابلية قومه الذين دعاهم إلى عبوديته واستخف بهم فأطاعوه.
أقدم الفيشي على ذلك بعد أن علم اليقين أنه يتحدث إلى أغبياء عديمي الإحساس وليس فيهم من سيسعى لأبسط قواعد الحرية، فجميعهم عاجزون حتى على المحافظة على مجد من سبقهم من الآباء الذين صنعوا ثورة سبتمبر وأكتوبر، وأنهم لا يتسابقون على بناء قواعد الحرية، بقدر ما يتسابقون على بناء قواعد الذل والانحطاط.
من الذي جعل الفيشي يتجرأ على أن يطلب من اليمنيين أن يكونوا عبيدا سوى قيادات الشرعية التي فرطت بقرار اليمنيين وقيادات المؤتمر التي خالفت رئيس حزبها وأبت إلا أن تستمر في محراب العبودية وأساتذة الجامعات والمثقفين والمفكرين وأعضاء البرلمان والشورى والقضاة والمحامين وشيوخ القبائل ورؤسائها، جميع من ذكرت، لو أن نفوسهم تأبى العبودية وتطمح بالحرية لما استمرت هذه المخلفات على رؤوسهم كل هذه السنين.
ولا أحتاج إلى تأكيد مصيبة اليمنيين التي تتمثل بقيادات الشرعية، هذه القيادات التي تتمتع بالغباء وعدم الإحساس والقبول بجمع المال مقابل دفع ضريبة الذل والعبودية للسفير محمد آل جابر منتظرة منه ومن بلده أن يحقق لها السلام مع الحوثي، ولا يهم أن يكون السلام هو ذلك الاستسلام الذي يدعو إليه الفيشي.
فالسلام من وجهة نظر الحوثيين ينسجم مع قاعدة أن هناك قائدا منزها لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وعلى الجميع أن يسلموا له وينزهوه عن كل قصور، إذا على ماذا تراهن سلطة الشرعية بعد هذا؟ وعلى ماذا تراهن قيادات المؤتمر الشعبي العام المتحالفة مع الحوثيين؟ وعلى ماذا يراهن أساتذة الجامعات والمثقفين والمفكرين والعلماء؟ حتى لو أجرى هؤلاء انتخابات وتنافسوا في صناديق الاقتراع، فإنهم جميعا يعملون كأقنان وأجراء تحت قيادة الجرذ عبدالملك الحوثي.
كل الأدلة تقول بأن عصابة الحوثي الإرهابية لن تقبل بالسلام، هذا لسان حالهم، حتى أولئك الذين يعبرون عن نصف الحقيقة يقولون إنهم لا يريدون سلاما ولن يمضوا إليه وأنهم يريدون استسلاما ليس إلا، بمعنى أن الأرض والسيادة عليها تظل للحوثي وما على الأرض من سكان مجرد موظفين يشاركون في تحمل الأعباء فقط.
الخلاصة، إن الحوثيين حددوا ما هو المطلوب من الشعب اليمني، فالمطلوب منهم أن يتوقفوا عن التعليم في الجامعات ويكفهم المسيرة القرآنية، ومطلوب منهم ألا يبنوا جيشا وطنيا ويكفهم اللجان الثورية، ومطلوب منهم ألا يختاروا من يحكمهم، فقد أرسل الله لهم الجرذ عبدالملك الحوثي ليكون سيدا عليهم وعلى اليمنيين أن يؤكلوه ويشربوه ثم يسجدون أمامه، ولكي نكون منصفين فإن المشكلة ليست في الحوثيين، بل في أولئك الذين لديهم قابلية للعبودية الذين تقبلوا الرسالة التي نقلها الطحلب الفيشي ولم يغضبوا ويحرقون هذه الطحالب التي تسربت من شقوق التاريخ.