عبد الحميد النهاري رفعته بدلته العسكرية وأسقطته السلالية
لو كانت السلالية ترفع من شأن صاحبها لاستقبل السلاليون النهاري بوصفه سلالي عاد إلى حضن السلالة ، لكنهم يعلمون علم اليقين بأن سلاليتهم عار عليهم ، فحرصوا على استقباله ببدلته العسكرية ، تلك البدلة التي تعبر عن اليمن وتعطي قيمة لمن يرتديها ، فكان احتفاؤهم ببدلة النهاري وليس بشخصه ، ليثبتوا أن السلالية تحط من شأن صاحبها ولا ترفعه ، بل تجعل منه عارا يمشي على الأرض ، ولكي يزيدوا من قيمته ، نسبوه إلى نائب رئيس الجمهورية السابق علي محسن وزعموا أنه كان مديرا لمكتبه ، لكي تزداد القيمة بارتباطه بالشرعية والجمهورية ، مع أن النهاري لم يكن يوما ما مديرا لمكتب علي محسن ، ليؤكدوا بأن النهاري نكرة لا تذكر ولكي يعطوه قيمة نسبوه إلى علي محسن .
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلا وتحديدا إلى ٢١ سبتمبر ٢٠١٤، يوم دخلت هذه العصابة إلى صنعاء ، أعلن خالد العندولي قائد الحراسة الشخصي لعلي محسن انضمامه للحوثيين وتم تعينه قائدا للواء ٣١٠ دون أن يحدثوا ضجة في ذلك اليوم ، لأن حينها لم يكن الأمر قد تمايز إلى انقلاب وشرعية ، فلم يكونوا بحاجة إلى إضفاء هذه القيمة التي يبحثون عنها اليوم ، وكلما حاولوا أن يطفئوا نور الجمهورية يزيد وهجها اشتعالا في قلوب اليمنيين ويظلون في سلالتهم يعمهون .
ولم يثر استغرابي تعامل هؤلاء السلاليين مع هذا الحدث ، بقدر ما أثار استغرابي انزلاق بعض من يفترض أنهم جنود في معسكر الجمهورية اليمنية ومشاركتهم في دعم هؤلاء السلاليين بالاحتفاء برجل ميت ، ليس له من قيمة ، سوى قيمة البدلة العسكرية التي كان يرتديها ، فراح البعض يحسبه على علي محسن والبعض الآخر على طارق ، محاولين إلصاق التهمة بهذا أو ذاك ، متناسين أن من يمثل الجمهورية اليمنية تظل أبوابه مفتوحة لكل اليمنيين ، ومن هنا فليس أمام علي محسن أو طارق أو أيا كان ممثلا لليمن أن يفتش في قلوب الناس حتى يثبتوا أنهم ليسوا مع اليمن ، كان الأولى بهؤلاء جميعا أن يتجنبوا خطيئة ابتلاع الطعم المنسوج بخيوط الأكاذيب التي يروج لها الطائفيون والمناطقيون ، الذين لا يرتفع شأنهم إلا بالتصاقهم أو بتوظيفهم للجمهورية اليمنية .
إن تاريخ اليمن يشهد لهذا الشعب العظيم بما يملكه من قدرات بأنه قادر على الدوس بأحذيته على مثل هؤلاء الطائفيين والمناطقيين الذين بدلا من أن يلتفوا حول جدار اليمن الكبير ، ذهبوا إلى تكسيره برؤسهم التي ستتحطم على هذا الجدار ، فاليمن عميقة الجذور ، يؤكد ذلك ثوابت الجغرافيا وحقائق التاريخ .
ولست بحاجة إلى التأكيد بأن أبواق التحريض من السلاليين والمناطقيين المتخندقين داخل مشاريعهم المنافية للمشروع اليمني ، قد فقدوا كل قدرة لإقناع اليمنيين بمشاريعهم ، ففي اليمن غالبية كاسحة متمسكة بوطنها ومؤمنة بيمنيتها وهم قادرون على هزيمة أعداء اليمن ، سواء كان هؤلاء الأعداء أرواح شريرة في الداخل ، أو نباتا شيطانيا قادما من الخارج .
إن الغالبية العظمى من شعبنا اليمني لديها من الجينات الوطنية المكتسبة عبر التاريخ ، ما يؤكد سلامة توجهها ، بعيدا عن أكاذيب السلاليين والمناطقيين الذين فشلوا في إقناع الممولين لهم بأن لهم أرضية وشعبية قادرة على الحركة والتأثير ، لقد سقطت الاقنعة وظهرت الحقائق من وراء الأستار ، بأن البدلة العسكرية التي ارتداها النهاري أثمن من سلالته وأن احتماء الانتقاليين بمواقعهم داخل سلطات الشرعية هي من تعطيهم قيمة لدى من يمولهم ، وأنهم بدون ذلك لا يساون شيئا يذكر .