ليته صمت؛ الخطاب الفضيحة للعليمي.
نشرت وكالة سبأ للأنباء خطابا للعليمي بمناسبة ذكرى الوحدة اليمنية يمثل فضيحة سياسية مزلزلة، وإدانة سياسية ذاتية، تستلزم الشجب والإدانة وربما المساءلة القانونية.
على المستوى الشخصي لم أتمنى أن أجد العليمي في هذا الموقف، وتمنيت لو أنه صمت و”دعمم” كما عمل منذ أن أصبح في المنصب المشبوه بالطريقة المشبوهة، مع الكثير من القضايا التي تمس وحدة وسيادة الدولة.
ولكن ما دام قد تجرأ وأصدر هذا الخطاب الفضيحة فمن حق كل يمني أن يتناول خطابه ويشنع به بما يستحق؛ فإن كان مجبرا على أن يقول ما قاله فتلك جريمة، وإن كان مقتنع بما قاله فالجريمة أعظم.
وعلى الرغم من أن الخطاب قد حمل الكثير من الحذلقات اللغوية المكشوفة والمراوغات السياسية البائسة كي يخفي مضمونه؛ إلا أن تحليل بعض جمله وشرح مقاصدها ستكشف ما أشرنا إليه.
وفي هذه العجالة سنحلل بعض من تلك العبارات.
يقول العليمي “وفي كل عام نلتقي عشية هذه المناسبة للتذكير بعظمة ذلك الرعيل الخالد، وامتنانا لشجاعتهم في صنع هذا المنجز بعد سنوات من النضال والكفاح، واعتذاراً عن الاخطاء الجسيمة التي رافقت مسيرته، وانفتاحنا على كل الخيارات لإصلاح مساره، وتمكين ابناء شعبنا من تحقيق تطلعاتهم، وتقرير مركزهم السياسي”.
في الفقرة السابقة يشير “فخامته” إلى انفتاحه على كل الخيارات لإصلاح مسار الوحدة، وتمكين أبناء الشعب – يقصد الانفصاليين – من تحقيق تطلعاتهم، والتي تعني الانفصال والذي يرددونه صبحاً ومساءً، وتقرير مركزهم السياسي، وهذه عبارة مرادفة لحق تقرير المصير.
وننتقل إلى جملة أخرى أكثر وضوحا في تأييد الانفصال حيث يذكر فخامته:
لقد كان اخواننا الجنوبيون، سباقون الى الوحدة، تنشئة، وفكراً، ونضالاً، وظلوا مخلصين لها، ولا يمكن ان يكونوا مخطئين في ذلك، وهم اليوم محقون في الالتفاف حول قضيتهم العادلة بعدما انحرف مسار المشروع الوحدوي، وافرغ من مضمونه، وقيمته التشاركية بعد حرب صيف 1994.
في الفقرة السابقة يؤكد العليمي على أن الجنوبيين، والمقصود هنا الانفصاليين منهم، محقين في قضيتهم المطالبة بإنهاء الجمهورية اليمنية وتقسيمها، ويصف هذا العمل الشنيع بالقضية العادلة. ويبرر فخامته للانفصاليين، إنهاء الدولة وتقسيمها بحرب صيف 1994.
ويتمادى فخامته في الإشادة بـ الانفصاليين ومشرعهم التدميري بالقول “و انني أشيد في هذه المناسبة بموقف اخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكافة القوى الحاملة للقضية الجنوبية، وتفانيهم في خدمة هذه القضية العادلة، وانصافها وجعلها أساسا للحل”.
وتفسير هذه العبارة أن رئيس الجمهورية اليمنية الذي أقسم على الحفاظ على الوحدة، وهي أهم وظيفة له، ويعاقب بالخيانة العظمى إن لم يقوم بهذه الوظيفة، يشيد بأعضاء مجلسه الموقر، وكافة القوى الحاملة للقضية الجنوبية، والتي يصرح هؤلاء مراراً وتكراراً وبكل وضوح، بأن القضية الجنوبية تعني إنهاء الدولة اليمنية وتقسيمها. ويشيد العليمي بكل وقاحة بتفانيهم في خدمة مشروع تقسيم اليمن، ويصفه بأنه قضية عادلة، ولا يتوقف هنا بل أنه يقول بأن الانفصال سيكون أساساً للحل.
وفي فقرة بائسة يعتذر العليمي للانفصاليين عن اضطراره الاحتفال بذكرى الوحدة كون الأمر ملزم له من الناحية القانونية، فيقول فخامته “انني اؤكد بصفتي رئيساً لمجلس القيادة الرئاسي، ان الاحتفال بيوم الوحدة، ليس نزوعاً للمكايدة السياسية، او الاقصاء، وانما التزاماً بقوة الدستور، والمركز القانوني الشرعي للدولة المعترف بها اقليمياً، ودولياً، ومرجعيات المرحلة الانتقالية”.
وفي الفقرة السابقة خاطب العليمي الانفصاليين، وبلغة مشحونة بالاستجداء والشفقة، بأنه لا يريد الاحتفال بيوم الوحدة لكنه مضطراً التزاماً بقوة الدستور – يعني في الاحتفال تلتزم بالدستور أما الانفصال مش شغلك- ولكونه لا زال الرئيس الذي يعترف به العالم.
ومضمون كلامه أرجوكم المسامحة والغفران، وأن تقدروا موقعي وظروفي. وما كان ناقص في هذه الفقرة من العليمي إلا أن يتعهد بأنه لن يعملها مرة ثانية، حتى ينجح مشروع الانفصال “العادل” في الخروج إلى النور.
خطاب العليمي ليس فقط فضيحة كما ذكرت ولكنه جريمة مكتملة الأركان، فهو تبني للخطاب الانفصالي بكل مفرداته من شخص يدعي بأنه الرئيس الشرعي لليمن، ويتعامل العالم معه كرئيس فعلي لليمن. وبتبني الخطاب الانفصالي، بهذه الطريقة الوقحة وشرعنته من شخص في هذا المركز، ويعد عمل من أعمال الخيانة العظمى لا يجب السكوت عليها.
يجب على كل اليمنيين رفع الصوت عاليا والتنديد، بخطاب العليمي والمطالبة بمحاكمته سياسيا وقانونيا متى ما تسنح الظروف.