منبر حر لكل اليمنيين

تاج الثريـــا

25

الطرس الأول
نشيد الأرجوان
فمي أول سوق أشجار (السَلمَ) ونهاية عقود الريحان.
يدخل الداخل إلى فضائي فينتهي إلى بستان. ويخرج من فمي إلى فضاء ينتهي إلى بستان، وينعقد بين كفي في بنان الحيرة، فيتوقف هنيهةً ويسألني: من أين يبدأ؟ فأنهض من بين البحرين، وأومىء له أن يتبعني. آخذ بيديه وأهوي إلى قبة المدماك. أطرق في حُجرها بذرةً، فتفتش وأدخل. أجلس ليس بعيداً عن الزقّ، وليس قريباً من الدّن. وأنادي: (ثُويْبة) أقرعيني بنقرة الدف.. !
وأسترسل في شذاي، فيعود يسترسل بي الشذى..
مستديرٌ، كأن الفضاء بكفي قرنفلةٌ، وأنا في كفه دارة شذروان.

مستديرٌ بلا تعب.. وأينما يمّمتُ وجهي، ابتهلتُ، واختصرتُ في قبلتي ركناً من أركان الدائرة. هذا الفضاء لا يحفل برمض جمر الغضا، ولا بالسكاكين وهي تُتلى في قبضة العنان المروع. أي نخل يجتبيني بمهماز السموق على يديه، فأسمق في يديه مضوعاً؟ كيف ينهض هؤلاء الصحب المسمون: ملائكة من هواي، ويعتلون كتل الإسفنج من مقالعها في البحر، ثم ينقّلونها من جهةٍ إلى جهة في دماي، ويقيمون بها صروح شذاي؟

لا يدايَ يدايْ في بقع الأزاميل، ولا الراكضون في شهب النرجس المكضوم بي هم سوايْ. وأنا الفراشةُ والشرارةُ… والشذى.. وأنا الشذى المتوسّدُ عنفوان الشذى، رشقةٌ من نبالي، تقيم خطوة ملاك من قومي، فيسرج شمعه إلى حيث لا أراه في زهور هواي.
كأن الداخلين يتغربون في ملاحة التفاصيل في دمي، وتستغويهم البدور الطالعات من أوراك الشذى، فلا يصلون إلى كلماتي.. إلا وقد أسرفهم البذخ، فتخرج الكلمات كأنها قطع الصدى؛ مقطعاتٌ عن أرحامها، بدون أن تفتق عن ريحة، أو تؤج في دخان.
أرى طيفاً يبسمل، في البدء، باسم ما أرى، وينتخب من شذاي قرنفلةً، يدمّكها بصهاريجي، ويقرأ: هذا منتصف كوكب الأرض.. وآخر أكفان الأولياء. من أتى أقام ضريح قبة من الشهداء، وألهمهم حياكة رقعة من نسيج مزاميري… في أناشيدي: البكاء.

أعطيتُ دمي، إذن، حقَّ الإفتاء، وتوليتُ ما سواه من النواح باسم القبائل المجاورة من أعضائي. واللهِ واللهِ إن الذين تولوا تسميد هذا الفضاء بياجور الزعفران، هم ـ وحدهم ـ أولُ وآخر من أقرُّ أنهم من نسلي. ينسبونهم إلى الفراشات، فتأتبط كل قبيلة رزمة من كبريتهم، وأسطع أنا في شعلتهم، وأقول: أولئك صحبي! أقيما يا نديميَّ أوتاد الأرجوان في قبة الكأس، واتركا لي زهرة الحُباب، كي أتنهد، وأطلي شجرة الأرض من هذه الجبة المتخثرة بدمي.

تعليقات